الدرس الوحدوي في أوكرانيا

الدرس الوحدوي في أوكرانيا

  • الدرس الوحدوي في أوكرانيا

اخرى قبل 2 سنة

الدرس الوحدوي في أوكرانيا

بقلم علي محمد فخرو

دعونا نكون صريحين بصدق مع أنفسنا، نحن العرب، بالنسبة لموضوع الصراعات التي تدور في دولة أوكرانيا ومن حولها. فجميع أطراف المسألة الأوكرانية، بحربها وأكاذيبها ومبارزاتها الإعلامية، لا يهمها مواقف الأنظمة العربية، إذ أنهم يعرفون بأن بعضها خاضع للنفوذ الروسي، وبالتالي سيساند المنطق والفعل الروسي، وأن بعضها الآخر خاضع للنفوذ والأوامر والابتزازات الأمريكية والأوروبية وبالتالي سيقفون في الخندق الآخر.
أما مواقف الشعوب العربية ومجتمعاتها المدنية، فتعرف أطراف الصراع أنها لا تقدم ولا تؤخر، لا في اتخاذ قرارات الداخل، ولا في اتخاذ قرارات الخارج، وهي تقاد بالعصا إن لزم الأمر، وبألاعيب السياسة ولغو الإعلام، وتجييش الانتهازية الدينية إن اقتضت ضرورات تمثيل المسرحية ذلك.

العرب، في أوضاعهم الحالية المأساوية، لا يعتقد أحد بأهميتهم الفاعلة، لا على المستوى الدولي، ولا حتى على مستوى إقليمهم

ولذلك فثرثرة الكتابات واللقاءات الإعلامية التي تدعي إمكانية استفادة العرب مما يجري في أوكرانيا، في حقول الاقتصاد والمال، أو غيرها من الاستفادات المضحكة، فإنها ثرثرات تؤكد جهل البعض المطبق بأن العرب، في أوضاعهم الحالية المأساوية، لا يعتقد أحد بأهميتهم الفاعلة، لا على المستوى الدولي، ولا حتى على مستوى إقليمهم. ومع ذلك هناك جانب مما يجري حالياً في أوروبا يمكن للعرب الإستفادة من درسه البليغ، الذي نحتاج أن نتعلمه ونعي بعمق إضاءته ومعانيه الكبرى المفيدة لمستقبلنا العربي. هذا الدرس يتمثل في طرح هذا السؤال: هل كانت روسيا ستتصرف مع أوكرانيا بالطريقة التي تصرفت بها، لو أن أوكرانيا كانت دولة من دول الاتحاد الأوروبي؟ بالطبع كلا، إذ أن القيادة في روسيا كانت ستحسب ألف حساب لكتلة كبيرة وقوية وخطرة من عشرات الدول الموحدة في إرادة سياسية واقتصادية وأمنية واحدة. في الحال يقودنا ذلك السؤال إلى طرح أسئلة على أنفسنا: لو كان العراق جزءاً من كتلة عربية موحدة، حتى بحدها الأدنى الأوروبي، فهل كانت ستجرؤ أمريكا منذ عقدين على فبركة أكاذيب، يعقبها غزو العراق لتدمير مجتمعه وسرقة ثرواته؟ وهل كانت تركيا ستجرؤ على فعل ما فعلته من دمار واستباحة لسوريا، واحتلال لأجزاء كبيرة من شمالها، أو التمركز في الشمال العراقي كدولة محتلة لأرض عربية، وهل كانت إيران ستقحم نفسها في الشؤون الداخلية العراقية؟ وهل كان حلف الناتو سيجرؤ على غزو ليبيا ليدخلها في الجحيم الذي تعيشه؟ وهل كانت بعض دول الخليج سترتكب خطأ التطبيع الاستراتيجي مع الكيان الصهيوني، فتشرعن احتلاله لأرض عربية واستعماره لشعب عربي، وارتكابه كل أنواع الجرائم، وذلك باسم حاجتها لحمايته وعلمه وقوة علاقاته بنظام الحكم الأمريكي واللوبي الصهيوني؟ وهل كان باستطاعة الجنوب السوداني الانفصال، أو باستطاعة هذه الأقلية، أو تلك في بلاد العرب التهديد بالانفصال وتقويض الدولة الوطنية؟
ما يوجع القلب ويبعث على الأسى أنه عندما ينادي القوميون العروبيون بشعار الوحدة، تحت أي مسمى وفي أي مسيرة تدرجية، ينهال عليهم بعض الكتاب وبعض المثقفين بالغمز واللمز والتهجم، وفبركة الأكاذيب بادعاء أن المناداة بالوحدة هي من أيديولوجيات الماضي وأحلامه البليدة. هل يستطيع هؤلاء المناهضون لوحدة هذه الأمة أن يرتفعوا فوق جهالاتهم وخدماتهم المدفوعة ليتعلموا من التجربة المريرة والدرس الذي تمثله التجربة الأوكرانية؟ هل يستطيعون أن يرو أن واقع الأمم الكبرى في عالمنا، مثل أمم الصين وأمريكا وأوروبا وروسيا والهند، يظهر أن منطلق قوتهم الأساسي هو في توحد أجزائهم ومكوناتهم؟ يا شابات وشباب أمة العرب ناضلوا في سبيل وحدة أمتكم وتمعنوا في دروس وعبر التاريخ، وواقع الحاضر، فدون توحد أمتكم لن يتحقق أي مطلب من مطالبكم.
كاتب بحريني

 

التعليقات على خبر: الدرس الوحدوي في أوكرانيا

حمل التطبيق الأن